Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE
latest

الاستعراضات الحكومية والواقع المزري للخدمات في محافظة البصرة

الاستعراضات الحكومية والواقع المزري للخدمات في محافظة البصرة محمد البطاط في كل مناسبة، تتوالى زيارات المسؤولين الحكوميين إلى محافظة البصرة، ...


الاستعراضات الحكومية والواقع المزري للخدمات في محافظة البصرة

محمد البطاط

في كل مناسبة، تتوالى زيارات المسؤولين الحكوميين إلى محافظة البصرة، وتُعقد الاجتماعات وتُصدر البيانات والتصريحات التي تُظهر اهتمام الدولة وحرصها على تحسين الواقع الخدمي والمعيشي في المحافظة. تُرفَع الشعارات وتُعلن "المشاريع الكبرى"، وتُنشر صور الوزراء والمحافظين في مواقع العمل، وكأن ما يحدث هو إنجاز وطني يستحق الاحتفاء. ولكن ما أن يغادر المسؤول البصري حتى يعود الواقع إلى حاله، لا بل أسوأ في كثير من الأحيان.

البصرة: غنية فقيرة

تُعَد البصرة من أغنى محافظات العراق من حيث الموارد الطبيعية، فهي تحتوي على النسبة الأكبر من احتياطي النفط العراقي، وتُعدّ المنفذ البحري الوحيد للعراق. ومع ذلك، يعيش سكانها واقعًا خدميًا لا يليق بقرية نائية، ناهيك عن مدينة تُسهم في تمويل ميزانية الدولة بنسبة كبيرة.

يعاني المواطن البصري من تردي شبكة الكهرباء، ومياه الشرب الملوثة، وتراكم النفايات، وتدهور البنى التحتية، فضلًا عن انعدام الخدمات الصحية والتعليمية في كثير من المناطق. لا تزال المناطق الريفية والمحرومة في البصرة تشهد نقصًا حادًا في الخدمات الأساسية، وتغيب عنها الدولة إلّا في موسم الانتخابات أو في إطار استعراض إعلامي جديد.

وعود مكررة.. بلا تنفيذ

المشكلة لا تكمن فقط في قلة المشاريع، بل في طبيعة ما يُعلن عنه. في كل زيارة، تتكرر العبارات ذاتها: "إطلاق خطة تطوير البنى التحتية"، "العمل على معالجة ملوحة المياه"، "متابعة مشروع مجاري البصرة". هذه الشعارات، على كثرتها، لم تغيّر من الواقع شيئًا. المشاريع تُعلن ولا تُنفذ، أو تُنفذ جزئيًا لتنهار بعد شهور، بسبب الفساد وضعف الرقابة وغياب الرؤية الحقيقية للتنمية.

البصريّون فقدوا الثقة

المواطن في البصرة بات يعي جيدًا أن أغلب الزيارات الحكومية لا تعدو كونها استعراضات إعلامية لا تلامس واقع الحال. فقد الثقة في الدولة بات ظاهرة متفشية، خصوصًا مع تراكم الأزمات، وغياب العدالة في توزيع المشاريع، وتخصيص الموارد بحسب الولاءات السياسية والمحاصصات لا حسب حاجة المواطنين.

دعوة إلى الفعل لا الاستعراض

ما تحتاجه البصرة ليس مزيدًا من المؤتمرات أو الزيارات "الاستطلاعية"، بل سياسات فعلية تبدأ بمحاسبة الفاسدين، وتنفيذ مشاريع مدروسة ومستدامة، بإشراف مهني نزيه. على الدولة أن تتوقف عن استخدام البصرة كمنصة للظهور السياسي، وأن تتعامل معها باعتبارها ركيزة أساسية لاقتصاد العراق، وبيتًا لأكثر من ثلاثة ملايين مواطن يستحقون حياة كريمة.