خور عبد الله: حق العراق القانوني والسيادي المحامي غازي عناد غيلان يُعد خور عبد الله من الممرات المائية الاستراتيجية التي تربط الخليج العرب...
خور عبد الله: حق العراق القانوني والسيادي
المحامي غازي عناد غيلان
يُعد خور عبد الله من الممرات المائية الاستراتيجية التي تربط الخليج العربي بميناءي "أم قصر" و"الزبير" العراقيين، ويمتد جزء كبير منه داخل الحدود الجغرافية للعراق، ما يجعله ذا أهمية حيوية للسيادة والملاحة العراقية. يقع الخور بين شبه جزيرة الفاو العراقية وشبه جزيرة بوبيان الكويتية، ويمتد باتجاه الشمال الغربي ليصل إلى ميناء أم قصر. ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، كان هذا الخور جزءًا من المياه العراقية، ويمثل الشريان الملاحي الأساسي للعراق، خصوصًا بعد شق قناة "خور الزبير" التي تربط الميناء بالبصرة وباقي المحافظات.
من الناحية القانونية، فإن السيادة على هذا الممر المائي تستند إلى عدة مرتكزات قانونية. أولها، الواقع التاريخي والسيادة المستقرة، إذ إن العراق استعمل خور عبد الله لعقود طويلة، وكل الوثائق الجغرافية والخرائط البريطانية والعثمانية القديمة تُشير بوضوح إلى أن الجزء الأكبر من الخور يقع ضمن السيادة العراقية. ثانيًا، مبدأ السيادة الإقليمية الذي ينص على أن كل ما يقع داخل المياه الإقليمية للدولة أو يُعد امتدادًا طبيعيًا لأراضيها يدخل ضمن نطاق سيادتها، وهو ما ينطبق بوضوح على الجزء الجنوبي الغربي من خور عبد الله. أما المرتكز الثالث فيتمثل في القانون البحري الدولي، وبالتحديد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، التي تنص على أن الدول التي تمتلك منافذ بحرية لا يجوز حرمانها من الوصول إلى تلك المنافذ أو التضييق عليها. وبما أن العراق لا يملك منفذًا بحريًا بديلاً للوصول إلى موانئه سوى عبر خور عبد الله، فإن أي محاولة لمنعه أو تقييد حريته في هذا الخور تُعد خرقًا للقانون الدولي واعتداءً على حقوقه السيادية.
في عام 2012، وُقع محضر مشترك بين العراق والكويت لتنظيم الملاحة في الخور، استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار 833 الصادر بعد حرب الخليج. غير أن هذا القرار جاء في ظرف استثنائي كانت فيه الدولة العراقية تحت وطأة الاحتلال، ما يعني أن الاتفاق لم يُبرم في ظروف تعكس الإرادة الحرة الكاملة للدولة العراقية، وهو ما يُثير إشكالات قانونية حول مشروعية القرار وما ترتب عليه من آثار، خاصة إذا تعارض مع مبادئ السيادة الوطنية والمصلحة العليا للبلاد.
وفقًا للقانون الدولي، فإن الاتفاقات التي تتم تحت الإكراه أو في غياب السيادة الكاملة تكون قابلة للطعن والمراجعة، لا سيما إذا مست الأمن القومي أو المصالح الحيوية للدولة. وهذا ينطبق تمامًا على الحالة العراقية، خاصة أن القرار 833 جاء في ظل خضوع العراق للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ما يجعل من حقه الطبيعي إعادة النظر في هذه الاتفاقات من أجل حماية سيادته.
إن خور عبد الله لا يمثل مجرد ممر مائي، بل هو رئة العراق البحرية ومفتاح أمنه الاقتصادي والسيادي. وعليه، فإن الدفاع عن هذا الحق لا يكون فقط عبر المسارات الدبلوماسية، بل يجب أن يترافق مع تحرك قانوني دولي لمراجعة كافة الاتفاقيات التي تمس هذا الممر الحيوي، بما يحفظ للعراق حقوقه التاريخية والسيادية الكاملة.