مؤتمر غاز البصرة الثاني... رؤية وطنية لواقع الطاقة وتحديات الغاز في العراق الدكتور عدنان هادي الشطب . اكاديمي وخبير اقتصادي نظّمت شركة غا...
مؤتمر غاز البصرة الثاني... رؤية وطنية لواقع الطاقة وتحديات الغاز في العراق
الدكتور عدنان هادي الشطب .
اكاديمي وخبير اقتصادي
نظّمت شركة غاز البصرة مؤتمرها السنوي الثاني في محافظة البصرة بتاريخ 16 نيسان 2025،تحت عنوان (الغاز الطبيعي ..قوة تعزز طاقة العراق ) وسط حضور نوعي ومتميز ضمّ مجموعة من أعضاء مجلس النواب العراقي، وعددًا من الأكاديميين والخبراء، إلى جانب مدراء شركات حكومية ودولية عاملة في قطاع الطاقة. وقد عكس المؤتمر، من حيث التوقيت والمكان ونوعية الحضور، مستوى عاليًا من النضج والرغبة الحقيقية في صياغة رؤية مشتركة لمستقبل الغاز الطبيعي في العراق، خاصة في ظل ما يشهده العالم من تحولات جيوسياسية أثّرت بشكل مباشر على خارطة الطاقة العالمية.
وقد اكتسب المؤتمر أهميته من الجهة المنظمة، شركة غاز البصرة، وهي واحدة من أنجح نماذج الشراكة بين القطاع العام والخاص، كونها تجمع بين وزارة النفط العراقية وشركتي شل وميتسوبيشي، ما أضفى على المؤتمر بعدًا وطنيًا ودوليًا في آنٍ معًا. وعلى مدى ثلاث جلسات متنوعة، ناقش المشاركون تحديات الواقع وفرص الاستثمار وسبل تحقيق التنمية المستدامة في قطاع الغاز، مع التركيز على الأبعاد الاقتصادية والتقنية والبيئية.
في الجلسة الأولى، التي أدارها الدكتور نبيل جعفر المرسومي، رئيس قسم تسويق النفط والغاز في جامعة المعقل، دار نقاش معمّق بين نخبة من الخبراء، من ضمنهم السيد غوتتيه ممثل شركة توتال الفرنسية، والأستاذ سلطان المالكي المدير التجاري لشركة غاز البصرة، والأستاذ علي نزار مدير عام شركة سومو، والدكتور محمد خير الله من جامعة البصرة. تناولت الجلسة التحديات الراهنة في تسويق الغاز، وتقاطعات السياسات الإنتاجية مع متغيرات السوق الدولية، إضافة إلى فرص التوسع وتعزيز الاستثمار الأجنبي في مشاريع الغاز العراقي.
أما الجلسة الثانية، فقد حملت طابعًا حواريًا رفيع المستوى، جمع بين الأستاذ مرفأ الأسدي، نائب العضو المنتدب في شركة غاز البصرة، والسيدة سارة أكبر، رئيسة مجلس إدارة والرئيسة التنفيذية لشركة أويل سيرف الكويتية، والتي تُعد من أبرز الشخصيات القيادية في قطاع الطاقة على مستوى المنطقة. وقد سلط الحوار الضوء على الرؤية الاستراتيجية للعراق تجاه ملف الغاز الطبيعي، حيث تطرقت السيدة أكبر إلى ضرورة استثمار الغاز المصاحب وتقليل الفاقد وتحقيق الاكتفاء الذاتي ونقل الغاز ووضع استراتيجية لتحويل الغاز الى ذراع اقتصادي يسهم في دعم الاقتصاد العراقي ، في حين ركز الأسدي على أهمية التكامل المؤسسي وتجاوز التحديات من خلال شراكات حقيقية تضمن تحقيق الأهداف الوطنية.
وجاءت الجلسة الثالثة لتكون بحق خاتمة مسك للمؤتمر، لما حملته من طابع علمي عميق ونقاش موضوعي حول العلاقة بين البحث والتطوير وواقع البيئة في المحافظات المنتجة للغاز. أدار الجلسة الدكتور عدنان هادي الشطب، رئيس قسم اقتصاديات النفط والغاز في جامعة البصرة للنفط والغاز، بمشاركة نخبة من المختصين، من بينهم الدكتور خالد البطاينة، مدير هيئة المشاريع والهندسة في شركة غاز البصرة، والدكتور حسن نوري محسن، رئيس كيميائيين في مركز البحوث والتطوير النفطي، والدكتور وليد الموسوي، مدير بيئة محافظة البصرة. وقد تمحور النقاش حول ضرورة ربط مخرجات البحث العلمي باحتياجات القطاع الصناعي، والتعامل بجدية مع التحديات البيئية التي ترافق عمليات إنتاج الغاز. وقد شهدت الجلسة مداخلات نوعية من مختصين وأعضاء في مجلس النواب، كان أبرزها مداخلة النائب عبي شداد الفارس، الذي شدد على أهمية الشراكة بين الجامعات والمؤسسات الحكومية لمعالجة الأثر البيئي وتحقيق تنمية متوازنة.
وفي ختام المؤتمر، أعلن الأستاذ مرفأ الأسدي مخرجات وتوصيات المؤتمر، والتي تمثلت في تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتوسيع الاستثمار في البنية التحتية للغاز، ودعم البحث العلمي التطبيقي، إضافة إلى الالتزام بالمعايير البيئية وتفعيل المسؤولية المجتمعية. وقد دعا إلى تشكيل لجان متابعة لتنفيذ هذه التوصيات، لضمان تحويل الأفكار إلى مشاريع واقعية قابلة للتنفيذ.
مؤتمر غاز البصرة الثاني لم يكن مجرد مناسبة فنية، بل جسّد إرادة وطنية واضحة لوضع خارطة طريق مستقبلية لقطاع الغاز في العراق، قائمة على الحوار والتخطيط والتكامل، من أجل تحويل التحديات إلى فرص، وتحقيق الاستفادة القصوى من الثروة الغازية بطريقة مسؤولة ومستدامة