Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE
latest

مختصة.الأراضي ذات "الجنس المالي" في القانون العراقي: الطبيعة القانونية ومدى مرونة امتلاكها

  مختصة.الأراضي ذات "الجنس المالي" في القانون العراقي: الطبيعة القانونية ومدى مرونة امتلاكها  المحامي غازي عناد غيلان تُعد قضية مل...

 


مختصة.الأراضي ذات "الجنس المالي" في القانون العراقي: الطبيعة القانونية ومدى مرونة امتلاكها 

المحامي غازي عناد غيلان

تُعد قضية ملكية الأراضي في العراق من المسائل القانونية والإدارية المعقدة، لا سيما في ظل التداخل الحاصل بين ملكيات الدولة وحقوق الأفراد. وتبرز ضمن هذه الإشكاليات فئة معينة من الأراضي تُعرف بـ"الأراضي من جنس المالية"، وهي الأراضي التي تُعد من الأموال غير المنقولة العائدة لملكية الدولة العراقية، وتخضع لإدارة وزارة المالية أو الجهات الرسمية المخولة بذلك. إن مفهوم "الجنس المالي" في السياق العقاري يشير إلى الصفة القانونية التي تميز هذه الأراضي عن باقي أنواع الملكيات، فهي لا تُعد ملكًا صرفًا للأفراد، بل تُعتبر من أملاك الدولة العامة التي لا يجوز تملكها أو التصرف بها إلا وفق شروط وإجراءات قانونية محددة منصوص عليها صراحة في التشريعات العراقية. وتُعد هذه الأراضي محمية بموجب الدستور والقانون، ويترتب على أي تجاوز عليها أو حيازتها دون سند قانوني عواقب قانونية قد تصل إلى الإخلاء والإزالة والمساءلة الجزائية. 

إن القانون المدني العراقي، وبخاصة في المادة (1128)، ينص على أن الأموال العامة لا يجوز اكتسابها بالتقادم، وهذا يشمل الأراضي من جنس المالية. وبالتالي، فإن مجرد وضع اليد على أرض مالية، أو استغلالها لسنوات طويلة، أو حتى تشييد بناء عليها، لا يمنح الشخص الحائز أي حق قانوني في تملكها، ما لم يكن هناك سند رسمي صادر عن جهة مخولة قانونًا. كذلك، فإن قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم (32) لسنة 1986 ينظم بدقة آلية التصرف في هذه الأراضي، وينص على ضرورة أن يكون البيع عن طريق المزايدة العلنية وبموافقة الجهة المالكة (وزارة المالية)، ولا يجوز البيع المباشر أو التنازل الفردي. وبموجب هذا القانون، لا يجوز لأي فرد أو جهة أن تدّعي ملكية تلك الأراضي استنادًا إلى عقد عرفي أو تواطؤ إداري أو تسلسل تصرفات باطلة. فالتصرف في هذه الأراضي، خارج الإطار القانوني المرسوم، يُعد باطلًا بطلانًا مطلقًا، ولا ينتج عنه أي أثر قانوني. كما أن من يقوم بالتصرف فيها يُعد متعديًا على المال العام، مما قد يُعرضه للمساءلة بموجب قانون العقوبات العراقي، لا سيما المواد المتعلقة بتبديد أو الاستيلاء على أموال الدولة. 

أما من ناحية المرونة القانونية في امتلاك هذه الأراضي، فهي محدودة جدًا، وغالبًا ما تكون مشروطة بقرارات حكومية أو قوانين خاصة، كأن يُمنح جزء منها لفئات معينة مثل ذوي الشهداء أو العوائل الفقيرة أو موظفي الدولة ضمن مشاريع تمليك خاصة، وغالبًا ما يكون ذلك بقرارات من مجلس الوزراء أو من خلال لجان مشكلة لهذا الغرض. كما أن بعض المشاريع السكنية المخططة قد تتضمن تغيير جنس الأرض من "مالي" إلى ملك صرف، لكن ذلك لا يتم إلا عبر إجراءات معقدة وإدارية طويلة تشمل موافقات متعددة، تبدأ من وزارة المالية وتمر عبر التسجيل العقاري والبلدية وغيرها من الجهات المعنية. لذلك، فإن من يتعامل مع هذه الأراضي دون معرفة دقيقة بوضعها القانوني قد يواجه مخاطر كبيرة، منها فقدان حقه في البناء، أو صدور قرار بالإزالة، أو التعرض لدعوى قضائية، فضلاً عن عدم إمكانية تسجيل العقار باسمه مهما طالت فترة الحيازة. ولا تُغني أي عقود عرفية أو إشغالات غير رسمية عن الوثائق القانونية التي تصدر من الجهات ال